الفصل سادس قسم 3 و الاخير
سامر رن جرس
وفتح الباب صوتها المعتاد:
"أخذت وقتك لتصل إلى هنا."
اعتذر بخفة وهو يغلق الباب خلفه، ثم تبعها إلى المطبخ.
سألته بابتسامة: "تريد شيء؟"
سكب لنفسه كوب ماء من الثلاجة، بدون أن ينطق بكلمة.
ضحكت وقالت: "استعددت اليوم لأغوص في عقلك." 😅
رد بمكر خفيف: "هل تظنين أنك قادرة على التعامل معه؟"
ترك الحوار يدور بينهم بهدوء، وكأن الكلمات تلمس أعمق مما يُقال.
جلسا على الأريكة، كلٌ منهما يحتفظ بمساحته، كأنهما يحترمان تلك الحدود غير المعلنة بينهما.
نظرت ليلى إليه بابتسامة خفيفة، وكأنها تستعد للغوص في أعماقه، وقالت مازحةً:
"إذا يا طبيبنا النفسي، متى تخرجت؟"
أجابها بهدوء، محاولًا أن يجعل صوته خفيفًا:
"منذ حوالي ثلاث سنوات."
أومأت ليلى برأسها، ثم أضافت:
"يعني الفرق بيننا ليس بالكبير، رغم أنني لازلت أتنقل في عالم الجامعة، وأنت بالفعل تمشي بخطوات ثابتة في الحياة."
تبادل الاثنان نظرات تحمل أشياءً غير منطوقة، ثم قالت ليلى بنبرة أكثر جدية:
"هل وجدت في تلك السنوات ما كنت تبحث عنه فعلاً؟ أم أن الطريق لا يزال معتمًا أمامك؟"
أجابها سامر متأملًا:
"أعتقد أنني ما زلت في منتصف الرحلة. الشهادة كانت مجرد بداية، لكنني لم أجد بعد المكان الذي يجعلني أشعر بأنني أنتمي إليه حقًا."
همست ليلى، وكأنها تحاول تهدئة رياح أفكاره المتلاطمة:
"ربما ما تحتاجه ليس مكانًا، بل فكرة... أو حتى شخصًا يدفعك للمضي قدمًا."
ابتسم سامر ابتسامة صغيرة، متشكرًا لها على حضورها الذي بدأ يخفف من ثقل أفكاره.
ابتسم سامر ابتسامة صغيرة وقال بهدوء:
"ربما... ربما سيدة متفائلة."
نظرت إليه ليلى بابتسامة نصفها تحدٍ ونصفها هدوء، وردّت:
"لست متفائلة كثيرًا، لكني أحاول أن أوجه ضوءًا على أشياء لا تراها."
قالت له بنبرة جادة:
– أريد معرفة بعض الأشياء...
امتنع عن الرد للحظة، ثم قال مازحاً:
– هل ستتوقفي عن الأسئلة إذا قلت لا؟
ابتسمت وقالت:
– لا.
فابتسم هو بدوره وقال بعد لحظة تفكير:
– ما رأيك أن نلعب لعبة؟
نظرت له مستغربة:
– لعبة؟
أضاف هو مبتسماً:
– بسيطة جداً، سؤال مقابل سؤال. من يمانع الاجابة على سؤال، عليه أن يقوم بتحدي.
توقفت للحظة تفكر ثم قالت:
– حسناً، لا بأس...
ليلى:
"جلسنا نلعب لعبة سؤال مقابل سؤال؟ جيد، أنا أبدأ… حسنًا، طبيبنا النفسي، سأبدأ بسؤال حقيقي:
هل واعدت من قبل؟"
سامر:
(بتعبير بين الاستغراب واللامبالاة)
"مرة واحدة فقط… لم تدم طويلًا."
سامر (يتابع الدور):
"هل فعلتِ أنتِ؟"
ليلى:
(تبتسم بتحدٍ بسيط)
"نعم… مرتين. واحدة انتهت بسبب المسافة، والثانية لأنه لم يكن يعرف ماذا يريد."
ليلى (بدورها):
"دوري الآن… هذا واحد، من أنهى العلاقة، أنت أم هو؟"
سامر:
(يتنهد بخفة)
"أنا من أنهيتها… شعرت أنها تمشي بلا معنى."
سامر (ينظر إليها بفضول):
"هل تعتبرين نفسك إنسانة سهلة التعلق بالآخرين؟"
ليلى:
(تفكر قليلًا)
"ليس بسهولة… لكن إن تعلّقت، أظل فترة طويلة."
ليلى (تتقدم بالسؤال التالي):
"هل تخصصك الدراسي كان من اختيارك؟ وإذا نعم… لماذا اخترته؟"
سامر
(يميل برأسه قليلاً، بنبرة هادئة لكن صادقة)
"نعم، كان من اختياري.
السبب؟ بصراحة… لا أعرف، لكن أعتقد إنه أكثر شيء فعلته في حياتي هو تحليل الناس.
كان منطقي وقتها إني أدرس شيء يخلي هالشيء مفيد… أو على الأقل مفهوم."
(يصمت لثوانٍ قصيرة، ثم يرفع عينيه نحوها بنظرة فضولية)
"دوري …
ليش اهتمّمتي بمجرد عامل قهوة، رغم إنك في جامعة مليانة ناس من كل نوع؟"
"لا أعتقد أن حقيقة كونك عامل قهوة هي ما لفتت انتباهي. في الجامعة، الشباب يتغزلون بالفتيات لسبب واحد نعرفه كلانا... لست ألومهم، لكن لا أنوي أن أكون جزءًا من لعبة أخرى. أما أنت، فبدوت منهمكًا بحياتك، وربما... أنضج قليلاً من بقية من في جامعتي."
(تأخذ نفساً عميقاً، ثم تبتسم بهدوء)
"دوري أنا !
إذا كنت قدرت تكتشف وتحلل الناس، في أحد في حياتك كنت مش قادر تحلله؟ أو تحس إنه لغز بالنسبة لك؟
سامر
(يصمت لحظة، كأنّ ذاكرته تعود إلى موضعٍ ما)
"نعم… أستطيع تحليل معظم الأشخاص الذين يمرّون عليّ في المقهى، فالناس غالبًا ما يعيدون أنفسهم بطرق مختلفة.
لكن… هنالك شخصٌ واحد، لم أستطع فهمه.
أصبح بالنسبة لي… لغزًا."
(يرتسم على وجهه شيء من الابتسامة المواربة، ثم يتابع)
"دوري الآن، أليس كذلك؟"
(يعتدل في جلسته قليلاً، يتأمل ملامحها، ثم يسأل بنبرة هادئة)
"هل شعرتِ يومًا بالخوف من الاعتراف بأمر ما لنفسك، قبل حتى أن تعترفي به لأحدٍ آخر؟
ليس سرًا بالضرورة، بل شعور… أو حقيقة تجاه شخص… أي شيء."
---
ليلى
(تتأمل السقف لثوانٍ، كأنها تحاول العثور على الكلمات)
"أحيانًا، نكذب على أنفسنا قبل أن نكذب على الآخرين. ربما لأننا لسنا مستعدّين لتصديق ما نشعر به.
نعم… حدث ذلك، بل أكثر من مرة."
(تبتسم ابتسامة خفيفة، ثم تنظر إليه مباشرة)
ليلى
(تبتسم بنظرة تنمّ عن القليل من التحدي)
"لكن، مهلاً…"
(تقترب بجسدها قليلاً، وكأنها تهمس)
"من هو ذلك الشخص الذي عجزتَ عن تحليله؟"
ليلى
(تبتسم بخفة، تحدّق في عينيه)
"من هو ذاك الشخص، سامر؟"
سامر
(يزيح نظره جانبًا للحظة، ثم يعيدها إليها بنصف ابتسامة مراوغة)
"لِمَ كل هذا الاهتمام؟"
ليلى
(تميل بجسدها قليلاً، وملامحها تجمع بين الجدّ والمزاح)
"لأنك من بدأ اللعبة، ولأنك لو لم ترد أن تُسأل، لما أثرت الموضوع من الأساس."
(تغمز بخفة)
"وأيضًا… لأني أجيد كشف التهرب."
سامر
"أظن... سأختار التحدي."
ليلى
(ترفع حاجبها، تميل برأسها باستغراب مازح)
"حقًا؟! تهرب؟ ظننتك تملك الجرأة الكافية."
سامر
(يبتسم بنصف سخرية)
"من قال إني أهرب؟ أنا فقط... أؤمن أن بعض الأسرار تستحق القليل من المقاومة."
ليلى
(تضحك، ثم تقاطعه)
"حسنًا، يا سيد الأسرار، التحدي إذًا. لن أكون قاسية، فقط... دعني أختار شيئًا بسيطًا."
سامر
(ينظر إليها بتحدٍ)
"تفضّلي، أنا مستعد."
ليلى
(تفكر لحظة، ثم تبتسم بخبث)
"أن تغني أغنية تحبها... بصوت مسموع، الآن."
سامر
(يتظاهر بالصدمة، ثم يضحك)
"أتعلمين، ربما كان البوح أسهل."
(يضحك بهدوء، وكأنه يعرف أنه محاصر)
سامر
(يتنهد بخفة، يمرر يده في شعره كأنما يستجمع شجاعته، ثم يحدق بها بنظرة نصفها تحدٍّ ونصفها تردد)
"لكن لا بأس… سأغني. فقط تذكّري، أنتِ من بدأ هذا الطريق."
ليلى
(تضحك بخفة، تعقد ذراعيها وتراقبه بشغف)
"أنا أستمع، يا نجم المقهى."
الوصف السردي:
ساد صمت قصير، كأن الغرفة انكمشت على وقع تلك اللحظة. جلس سامر مستقيمًا، وكأنه يحاول أن يبدو غير مكترث، بينما يتلاعب بنغمة في رأسه، يتردد، يبتسم لنفسه، ثم يبدأ في الغناء بصوت خافت.
لم يكن صوته قويًا، ولا واثقًا تمامًا، لكنه صادق... فيه تلك النبرة التي يسمعها الناس حين يغني أحدهم لنفسه، لا للعرض.
اختار أغنية قديمة، من تلك التي يسمعها وحده في نهاية يوم طويل، كلمتها بسيطة، وربما لا تعني شيئًا لغيره، لكنها حملت شيئًا من روحه حين قالها.
كلما تقدّم في اللحن، بدأ صوته يستقر، ينفتح قليلاً، ومعه ملامحه، وكأن شيئًا ما كان مشدودًا داخله وبدأ بالارتخاء.
ليلى
(ترمش ببطء، تبتسم دون أن تقاطع، وعيناها عليه كأنها ترى فيه لأول مرة أكثر من مجرد شخص يحلل الآخرين)
وحين انتهى، ساد صمت جديد… ليس من الحرج، بل من أثر ما كان. ثم تنفس، ونظر إليها كما لو كان ينتظر حكماً، لكنه أخفى توتره بابتسامة جانبية:
سامر
"هل كنتِ تتوقعين شيئًا أفضل؟"
ليلى
(تبتسم، تترك لحظة تمر بصمت كأنها لا تريد كسر أثر ما سمعته، ثم تنطق بنبرة هادئة مفعمة بالصدق)
"كنت أتوقع مراوغة، صمت… أو حتى مزحة ثقيلة، لكن ما فعلته؟
لم يكن صوتك… بل جرأتك. غريب أنك تبدو أكثر صدقًا وأنت تغني."
(تبتسم مرة أخرى، تلك الابتسامة التي لا تشبه المزاح)
"أحيانًا، الغناء يُعرّي أكثر من الكلام."
(تميل للأمام، تستند بذراعيها على ركبتيها، ثم تنظر إليه بعمق)
"دوري، صحيح؟"
(تأخذ نفسًا قصيرًا، وكأن السؤال ثقيل لكنها تخفيه خلف نبرة عادية)
"هل سبق وأحسست أنك في المكان الخطأ… ومع الشخص الخطأ… لكنك بقيت فقط لأنك خفت أن تبدأ من جديد؟
سامر
(ينظر أمامه دون تركيز، وكأن الكلمات تخرج من منطقة لا يلمسها كثيرًا)
"ربما يبدو ذلك مبالغة، لكن... لطالما شعرت أنني كنت مع الشخص الخطأ. لا لسبب كبير، فقط لأن كل شيء بدا دائمًا أقل مما أريده… أقل مما أحتاجه."
(يصمت لحظة، ثم يزيح نظره نحوها)
"أما المكان… فهو ليس مثاليًا، لكنه شيء من الاستقرار… نصف رضى. لا أحبه، لكنني أفضّله على البدء من جديد في فراغ لا أعرفه."
(يشبك يديه أمامه، ثم يميل برأسه قليلاً نحوها وكأن السؤال يخرج دون تخطيط)
"هل سبق وندمتِ لأنك كنتِ صادقة؟ يعني… تمنّيتِ لو كذبتِ بدل أن تقولي الحقيقة؟"
ليلى
(تبتسم أولًا، كمن يحاول التظاهر بأن السؤال لا يطالها بعمق، لكن ابتسامتها تبهت سريعًا)
"ندمت؟"
(تأخذ نفسًا، عيناها تتعلقان بلحظة بعيدة)
"نعم... مرة واحدة."
(تصمت للحظة وكأنها توازن بين الرغبة في الحديث والخوف من الاسترسال)
"قلت الحقيقة لشخصٍ كنت أظنه سيقدّرها. كنت صغيرة، ووثقت بأن الصدق كافٍ. لكنه أخذها كسلاح... استخدمها ضدي. فجأة أصبحت أنا المذنبة، لأنني لم أُجمّل الأمور، ولم أقل ما أراد سماعه."
(تضحك ضحكة خافتة، لا تخلو من مرارة)
"ومنذ ذلك الحين، صرت أوزن كلماتي جيدًا… لكنني ما زلت أصدق أن الكذب، حتى لو كان مريحًا، لا يليق بي."
(تعود لتبتسم بخفة، محاولة تخفيف وطأة ما قالته)
"دوري أنا، صح؟"
(تنظر إليه نظرة فيها مزيج من الجدّ والفضول)
"هل سبق وخيّبت ظن شخصٍ كان يراك شيئًا كبيرًا؟
سامر
(ينظر إليها بنظرة مملوءة بالحزن والصدق)
"ربما... كانت أمي حلمها أن أكون شيئًا أعظم، لكنها رحلت قبل أن ترى مني شيئًا يُذكر. وأنا؟ مجرد عامل بسيط، أعيش وسط تفاصيل الحياة اليومية، أبحث عن شيء يملأ الفراغ."
(يأخذ نفسًا عميقًا، ثم يتحدث بنبرة هادئة)
"لكنني لم أتخل عن الحلم تمامًا، رغم كل شيء."
سامر
(بنبرة هادئة تحمل مزيجًا من القلق والاهتمام)
"من أخذ تلك الحقيقة، واستخدمها كسلاح... هل هوا السبب في دموعك التي رأيتها في المقهى؟"
منذ فتره اصبحت تأتين متأخر بعشر او خمسة عشر دقيقة
عن موعدك وعندما تأتين كان هناك اختلاف كنت تستخدمين منديل لاخفاء دموع لم يراها ناس لكني رأيتها...
(ينظر إليها بتركيز، كما لو كان يحاول أن يقرأ ما وراء الكلمات)
"ولماذا تغيّرت مواعيد قدومك إلى هنا؟ تلك الفوضى التي لم تعتديها، والمنديل الذي كنت تمسحين به عينيك، استمرت لأيام."
ليلى
(تتململ قليلاً، ثم تلتقط أنفاسها ببطء)
"ربما... كان الوقت يفرض عليّ ما لا أريد اعترافه."
(تنظر بعيدًا للحظة، ثم تعود لتلتقي بنظره)
"وأنت... كيف علمت؟ هل كنت تراقبني؟"
سامر
(بابتسامة خفيفة، ولكن صادقة)
اجل قليلا لكني كنت اراقب الجميع، لكنك مختلفة، وكل تفصيل صغير لا يفوتني."
(يمد يده بخفة نحوها، وكأنه يطمئنها)
"لست وحدك، ليلى."
ليلى
(تنظر إليه بعينين تجمع بين الحزم والصدق)
"تعرف، أي شخص طبيعي كان سيغضب لو علم أنك تراقبه بهذه الطريقة."
سامر
(بنبرة هادئة، مبتسمًا قليلاً)
"لكنّك لست غاضبة."
ليلى
(تبتسم بخفة، ثم ترد بنبرة تحمل شيئًا من الصراحة)
"ربما... قليلاً."
ليلى
(تغيّر نبرة حديثها بخفة، مبتسمة بهدوء)
"حسنًا، كفى لهو الآن. سأحضر القهوة، وسندرس معًا كيف نغير حياتك للأفضل، كما كان مخططًا."
نهضا معًا نحو المطبخ، تلتقط ليلى علبة القهوة من الرف، بينما أخذ سامر كأس الماء ووضعه على النار.
رائحة الماء الساخن وعبير القهوة بدأ يتسلل إلى الغرفة، مما خلق جوًا من الدفء والراحة.
جهزا القهوة وعادا للجلوس معًا، وكانت الحدود التي حرصا على إبقائها بينهما قد بدأت تذوب شيئًا فشيئًا.
ليلى
(ترتشف رشفة من القهوة، ثم تنظر إليه بنبرة عملية لكنها هادئة)
"هل لديك أي مال مخزّن للطوارئ؟ أو التزامات شهرية مثل تأمين يحتاج إلى دفع؟ سيارة تحتاج لمصروف؟"
سامر
(يفكر لحظة ثم يجيب بصراحة)
"نعم، لدي مبلغ بسيط ادّخرته للطوارئ. وأملك تأمينًا طبيًا أساسيًا، لا شيء فاخر. أما السيارة، فلم أحتج لواحدة حتى الآن."
ليلى تسأله:
> "طيب... سامر، بما إننا بنفكر نبدأ خطة، لازم أعرف، كم عندك مبلغ مدّخر حاليًا؟"
سامر (بهدوء، وصوت منخفض نوعًا ما):
> "حوالي 4800 دولار. ما شريت شي كبير من مدة، وكنت أحاول أجمع لأي ظرف أو بداية جديدة
شغّلت ليلى الحاسوب المحمول وجعلوه على الطاولة أمامهما. المزاج العام يميل إلى الجديّة بعد دفء اللحظة السابقة.
ليلى
(تنقر بأطراف أصابعها على طرف الكوب، ثم تلتفت إليه بنظرة حازمة ولكن دافئة)
"حسنًا، سأطرح عليك فكرة، لكن أريد منك أن تفكر فيها بعقل مفتوح، لا بعين الخوف."
سامر
(ينظر إليها باهتمام)
"أنا أنصت... تفضّلي."
ليلى
"ما رأيك أن تستقيل من عملك نهاية هذا الشهر، وتبدأ خطة جديدة؟ نقوم بإعداد إعلان إلكتروني قوي — إعلان محترف، ليس عشوائيًا — تُقدّم فيه نفسك كطبيب نفسي مستقل."
سامر
(يرفع حاجبيه)
"مستقل؟ بدون مكتب؟"
ليلى
"تمامًا. هذا جزء من الفكرة. الإعلان يُظهر أن عدم امتلاكك مكتبًا ليس نقطة ضعف، بل ميزة:
أسعار أقل من العيادات التقليدية.
مرونة: أنت تزور العميل في بيته أو مكان عمله، أو تحدد معه مكانًا مريحًا.
حتى من يريد، يمكنه القدوم إليك، دون رسوم إضافية."
سامر
(يصمت للحظة، ثم يقول بنبرة تمزج بين القلق والاهتمام)
"ممم... إعلان ضخم؟ كم تقصدين بـ'ضخم'؟"
ليلى
"ميزانية متوسطة. إعلان رقمي على وسائل التواصل. فيسبوك، إنستغرام، وربما بعض المجموعات المتخصصة. تصميم احترافي. وربما نطلب من أحد المعارف تصوير فيديو تعريفي بسيط لك."
سامر
"والموعد؟"
ليلى
"تُقدّم استقالتك آخر الشهر. نبدأ الآن بإعداد الحملة، تجهيز النصوص، الصور، والهوية البصرية. نطلق الإعلان قبل نهاية الشهر بأيام قليلة، حتى يبدأ الناس بالتواصل. بعد الاستقالة، تبدأ أول جلساتك كطبيب مستقل."
سامر
(يتنهّد ببطء)
"أنا لا أكره عملي الحالي، لكنه بلا أفق... وأنتِ الآن تضعين أمامي مشروعًا فيه مخاطرة، لكن فيه شيء يشبهني."
ليلى
(تبتسم بخفة)
"بالضبط. يشبهك. وصدقني، من لم يجرّب القفز، لن يعرف إن كان يستطيع الطيران."
سامر
(ينظر إلى الحاسوب، ثم يعود إليها)
"فلنرَ أولاً المكاتب وأسعار الحملات الإعلانية... ثم نقرّر."
ليلى
(تفتح صفحة جديدة على المتصفح)
"هذا هو التفكير السليم... دعنا نبدأ."
بعد ساعات من الحديث والتخطيط، انشغل كل من ليلى وسامر أمام الحاسوب المحمول، يعدّلان نصوص الإعلان، يختاران الصور، ويتناقشان حول العبارات الأكثر تأثيرًا.
الكمبيوتر يُطفأ. الجو أصبح ساكنًا. ليلى تمد ذراعيها بتكاسل، بينما سامر ينظر إلى الساعة.
سامر
(يرفع حاجبيه بدهشة خفيفة)
"الساعة الثانية فجرًا... أعتقد أن الوقت قد حان لأن أعود إلى المنزل وأنام قليلًا."
ليلى
(تبتسم بمكر، ثم تمازحه بنبرة دافئة)
"اهدأ، لقد نمنا معًا بالفعل."
(تغمز بخفة، وتشير بإصبعها نحو الطاولة)
"ألا تتذكر غفوتنا الصغيرة البارحة أثناء العمل على المشروع؟"
سامر
(يضحك بصوت خافت، يهز رأسه وهو يتنفس بعمق)
"لا أحد يربح ج
دالًا معك."
ليلى
(بنبرة حازمة لكن مبتسمة)
"ولن أسمح لك بالمغادرة في هذا الوقت. ستنام هنا، على الأريكة."
(تشير بيدها نحو الأريكة)
"لا تقلق، لن أفرض عليك جلسة علاج نفسي في منتصف الليل."
سامر
(ينظر إليها لحظة، ثم يرفع يديه مستسلمًا بابتسامة)
"أمرٌ واقع. حسنًا... الأريكة إذن."
ليلى
(وهي تنهض متجهة إلى المطبخ الصغير)
"سأجلب لك غطاء... الطبيب يحتاج إلى نوم عميق ليستمع جيدًا في الغد."
تعليقات
إرسال تعليق